بين فرنسا والولايات المتحدة... علاقة اقتصادية متقلّبة
بدت العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وباريس، وأوروبا عموماً، أقلّ توتراً خلال نهاية ولاية جو بايدن الرئاسية، بعدما طغت عليها الاضطرابات خلال عهد سلفه دونالد ترامب.
ويقول سيباستيان جان المدير المساعد لبرنامج الاقتصاد الجغرافي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، "لقد تغيّر الخطاب بشكل جذري" بين الرئاستين.
يمكن وضع عقد "مجلس أعمال فرنسي أميركي" على هامش زيارة بايدن إلى باريس في إطار المناخ الإيجابي الطاغي على هذه العلاقات مؤخراً. ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحدث السبت أمام هذا المنتدى الذي يجمع حوالى أربعين من قادة الأعمال.
ولكن على الرغم من وحدة الموقف السياسي التي برزت طيلة الأسبوع بين البلدين على خلفية الاحتفالات لمناسبة ذكرى إنزال النورماندي، إلّا أنّ الحقائق "لم تتغيّر" بالمقارنة مع الإدارة الأميركية السابقة، وفقاً لسيباستيان جان، الذي يشير إلى العديد من الملفات الساخنة التي لا تزال موجودة.
- قانون خفض التضخّم... أميركا أولاً -في صيف العام 2022، أقرّت واشنطن قانون خفض التضّخم الذي ينصّ على برنامج مساعدات ضخم لدعم الشركات في قطاع تحوّل الطاقة. وقد أثار هذا القانون مخاوف القادة الأوروبيين من انتقال الشركات أو من مغادرة المستثمرين الأميركيين.
كانت الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا القانون إلى الرد على دعم الصين لصناعاتها وإطلاق استراتيجيتها الخضراء الخاصة، "من دون تقدير العواقب المحتملة على بقية دول العالم"، حسبما أفاد الإليزيه الإثنين.
وفي هذا الإطار، تقول إيغلي ريشمون المديرة العامّة لغرفة التجارة الأميركية في فرنسا المعنية بتعزيز العلاقات عبر الأطلسي، إنّ الأمر "شكّل صدمة"، مشيرة إلى "انقسام ثقافي وبنيوي بين قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ هذا القرار وقدرتنا على التعامل معه في أوروبا وعلى التوافق" على المبادئ التوجيهية الرئيسية.
ولكن وفق الإليزيه، فقد توصّلت أوروبا منذ ذلك الحين إلى "حوار ملموس من دولة إلى أخرى، أو بين الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية" بشأن مبالغ الدعم الممنوحة، مؤكداً أنّ القارّة تدافع عن نفسها بشكل أكبر.
ولكن يبدو أنّ السياسة الأميركية لها تداعياتها على الأرقام، فقد سلّطت شركة "إيرنست & يونغ" (Ernest & Young) الضوء مؤخراً على قانون خفض التضخّم لشرح التراجع في عدد المشاريع الاستثمارية الأميركية-الأوروبية، بنسبة 15 في المئة بين العامين 2022 و2023.
- الضرائب الجمركية -شهدت سنوات عهد ترامب فرض ضرائب عقابية على العديد من الشركاء، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي الذي طالته رسوم جمركية على الصلب والألومنيوم في العام 2018.
غير أنّ مغادرة دونالد ترامب لم تضع حدّاً لهذه السياسة، حيث تمّ تجميد مبدئها حتى نهاية العام 2025 فقط. كما أنّ العودة المحتملة للملياردير إلى السلطة بعد انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر تثير مخاوف من عودة الضرائب على اعتبار أنّ أحد وعوده تتمثّل في فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على جميع المنتجات التي تصل إلى الأراضي الأميركية.
من جهة أخرى، وقّعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العام 2021 معاهدة على مدى خمس سنوات تتعلّق بخلافاتهما القديمة بشأن الدعم الممنوح لشركتي الطيران إيرباص وبوينغ، كما اتفقتا على عدم فرض رسوم جمركية عقابية خلال هذه الفترة.
وبعيداً عن النزاعات التجارية، تبدو التبادلات مستقرّة نسبياً بين فرنسا والولايات المتحدة. ورغم أنّ الصادرات الفرنسية أظهرت تراجعاً خفيفاً العام الماضي مقارنة بالعام 2022، إلّا أنّها ما زالت قريبة من مستوى ما قبل الجائحة، حسبما أفادت إحصاءات الحكومة.
في مقابل ذلك، زادت الواردات بشكل كبير، الأمر الذي يرجع جزئياً إلى زيادة مشتريات الغاز الطبيعي الأميركي بعد أزمة الطاقة اعتباراً من العام 2021.
- أوكرانيا والأثرياء -في ما يتعلّق بأوكرانيا، تؤيد الولايات المتحدة أكثر من الأوروبيين استخداماً أكثر طموحاً للأصول الروسية المجمّدة بشكل رئيسي في القارّة العجوز.
وبينما تبدو فرنسا وشركاء آخرون أكثر تحفّظاً في هذا الشأن، إلّا أنّه "تمّ إحراز تقدّم" في هذا الملف، حسبما أعلنت الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع في نهاية أيار/مايو، مشيرة إلى أنّ ذلك يشكّل أساساً لاتفاق محتمل في منتصف حزيران/يونيو في قمة رؤساء الدول والحكومات.
ولكن هناك ملف آخر أظهر خلافات بين ضفّتي الأطلسي، في ظلّ الاقتراح الفرنسي البرازيلي بشأن الحدّ الأدنى من الضرائب على الأثرياء الذي تعارضه وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.
الب/ناش/ب ق